إن إصلاح أي اقتصاد لن يكون بعصا سحرية أو بوصفة سرية تستطيع أن تنقل الاقتصاد المريض إلى اقتصاد قوي يسهم في رفع مستوى المعيشة، إن الأزمات الاقتصادية في العالم لها مسببات عديدة، فإما أن تكون بسبب ظروف الحروب، وهي الأقوى والأخطر، ولها تأثير على جميع المجتمعات في الدول المساهمة في الحروب أو طرف فيها أو ذات صلة بها.
ومن أسباب الكوارث الاقتصادية الأخرى في بعض الدول الكوارث الطبيعية كالزلازل والجفاف والبراكين، كما تلعب الاضطرابات السياسية والتوترات الداخلية والديكتاتورية في الحكم دورا في الكساد الاقتصادي داخل الدولة. أما الأزمات الاقتصادية في الدول المتقدمة فتكون في الغالب نتيجة الأخطاء في السياسات الاقتصادية أو السياسات المالية، وهي أخطاء يرتكبها بعض صناع السياسات المالية أو التمويلية والمنفذين لها مثل تلك التي حدثت أخيرا في عهد الرئيس بوش الابن في الولايات المتحدة، والتي أدت إلى انهيار في بعض المؤسسات التمويلية نتيجة التوسع في سياسات الإقراض العقاري، وكانت النتيجة الأزمة المالية الكبرى في القرن الجديد.
أما الأزمات الاقتصادية في الدول المنتجة للبترول والغاز والمعتمدة على إيراداته أساسا في تمويل ميزانياتها فهي أزمات كانت متوقعة لارتباط اقتصاديات الدولة بارتفاع وانخفاض أسعار البترول. ولكن معالجات هذه الأزمات كان ينبغي أن لا تكون بالانتظار حتى ارتفاع أسعار البترول أو السحب من الاحتياطي أو تحميل العجز على الضرائب والرسوم حتى وإن كانت مشروعة، والحل الأنسب هو التخطيط في البحث عن بدائل للدخل من خلال زيادة الاستثمار المباشر في المشاريع التنموية والأساسية لخلق فرص وظيفية، والتخفيف من إجمالي الواردات المستنزفة للعملة الصعبة والمنافسة للسلع المنتجة أو البديلة، وهو توجه له عوائده على المدى الطويل، وهذا ما يدفعني للتوقع اليوم بأن آثار التحول الاقتصادي في المملكة لن تظهر إلا بعد عشر سنوات من اليوم، لأن المشاريع الإنتاجية الجديدة تحتاج إلى فترة بناء وإنتاج وتسويق حتى تظهر العوائد المتوقعة لدعم الاقتصاد.
وهذا ما أكدته رئيسة صندوق النقد الدولي (كريستين لاغارد) الأسبوع الماضي قائلة «إن هناك عقدا آخر من النمو الضعيف للإنتاجية قد يؤدي بشكل كبير إلى رفع مستويات المعيشة عالميا، كما سيهدد تباطؤ نمو الإنتاجية والاستقرار المالي والاجتماعي في بعض دول العالم، (وأجزم أنها تقصد الدول النامية ونحن منها)، حيث تقل فرص تحقيق المساواة وتزداد صعوبة الالتزامات العامة الحكومية»، وأكدت (لاغارد) أن الاسترخاء وانتظار الحلول الصناعية المبتكرة لتحفيز الإنتاجية هو أمر غير مطروح ببساطة.
وأكدت رئيسة صندوق النقد الدولي أن «التعليم والتدريب عاملان رئيسيان للنهوض بالإنتاجية وتقليل اللامساواة»، وطالبت حكومات العالم بالاستثمار في مجالات التعليم والبحوث والتنمية والقضاء على البيروقراطية لتحسين مستويات المعيشة والتخلص من التبعات السلبية للأزمة المالية العالمية.
إن المتابع والمحلل لتصريح رئيسة صندوق النقد الدولي (كريستين لاغارد) يشعر بأن هناك أزمة مالية قادمة سوف تهدد وتنذر بأن هناك تراجعا في مستويات المعيشة في العالم، وعلى الحكومات أن تتحرك عاجلا لزيادة الإنتاجية وربط الإنتاجية بزيادة الاستثمار في البحث العلمي والتعليم والتدريب، متمنيا على المخططين في بلادنا أن يأخذوا توجيهات صندوق النقد الدولي بالاعتبار، وأن لا يكون الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي ثانويا في الخطط وإنما إعطاؤه الأولوية.
ومع كل تقديري واعتزازي للدور الذي تقوم به المملكة في دعم البحوث العلمية لتقدم ثلث البحوث في الوطن العربي ويصل حجم إنفاقها على البحث العلمي إلى 2% من ناتجها المحلي، ويصل حجم الإنفاق إلى نحو 16.6 مليار ريال، ويتصدر القطاع العام دعم البحث العلمي في المملكة، إنني أجزم بأن البحث العلمي هو أساس الابتكار وهو سر تقدم اقتصاديات كل من أمريكا وأوروبا الغربية واليابان وكوريا الجنوبية، وأساس قوتها التنافسية في الاقتصاد العالمي.
ومن خلال متابعتي لسياسات التحول الاقتصادي وجدت توجه المملكة القوي نحو ريادة الأعمال ودعم وتشجيع الابتكار، وهو توجه في الطريق الصحيح، لكنه إذا لم يتقدمه دعم البحث العلمي لن تنجح الجهود لدعم رواد الأعمال، ولو جاز لي الاقتراح لاقترحت فرض ضريبة على الشركات المساهمة مثل البنوك، وشركات الصناعات الأساسية، وأرامكو، وشركات الخدمات، لدعم صندوق البحث العلمي، وإلا لن يكون لدينا ابتكار حديث وسنعتمد على التقنية المستوردة.
* كاتب اقتصادي سعودي
abdullahdahlan@yahoo.com
ومن أسباب الكوارث الاقتصادية الأخرى في بعض الدول الكوارث الطبيعية كالزلازل والجفاف والبراكين، كما تلعب الاضطرابات السياسية والتوترات الداخلية والديكتاتورية في الحكم دورا في الكساد الاقتصادي داخل الدولة. أما الأزمات الاقتصادية في الدول المتقدمة فتكون في الغالب نتيجة الأخطاء في السياسات الاقتصادية أو السياسات المالية، وهي أخطاء يرتكبها بعض صناع السياسات المالية أو التمويلية والمنفذين لها مثل تلك التي حدثت أخيرا في عهد الرئيس بوش الابن في الولايات المتحدة، والتي أدت إلى انهيار في بعض المؤسسات التمويلية نتيجة التوسع في سياسات الإقراض العقاري، وكانت النتيجة الأزمة المالية الكبرى في القرن الجديد.
أما الأزمات الاقتصادية في الدول المنتجة للبترول والغاز والمعتمدة على إيراداته أساسا في تمويل ميزانياتها فهي أزمات كانت متوقعة لارتباط اقتصاديات الدولة بارتفاع وانخفاض أسعار البترول. ولكن معالجات هذه الأزمات كان ينبغي أن لا تكون بالانتظار حتى ارتفاع أسعار البترول أو السحب من الاحتياطي أو تحميل العجز على الضرائب والرسوم حتى وإن كانت مشروعة، والحل الأنسب هو التخطيط في البحث عن بدائل للدخل من خلال زيادة الاستثمار المباشر في المشاريع التنموية والأساسية لخلق فرص وظيفية، والتخفيف من إجمالي الواردات المستنزفة للعملة الصعبة والمنافسة للسلع المنتجة أو البديلة، وهو توجه له عوائده على المدى الطويل، وهذا ما يدفعني للتوقع اليوم بأن آثار التحول الاقتصادي في المملكة لن تظهر إلا بعد عشر سنوات من اليوم، لأن المشاريع الإنتاجية الجديدة تحتاج إلى فترة بناء وإنتاج وتسويق حتى تظهر العوائد المتوقعة لدعم الاقتصاد.
وهذا ما أكدته رئيسة صندوق النقد الدولي (كريستين لاغارد) الأسبوع الماضي قائلة «إن هناك عقدا آخر من النمو الضعيف للإنتاجية قد يؤدي بشكل كبير إلى رفع مستويات المعيشة عالميا، كما سيهدد تباطؤ نمو الإنتاجية والاستقرار المالي والاجتماعي في بعض دول العالم، (وأجزم أنها تقصد الدول النامية ونحن منها)، حيث تقل فرص تحقيق المساواة وتزداد صعوبة الالتزامات العامة الحكومية»، وأكدت (لاغارد) أن الاسترخاء وانتظار الحلول الصناعية المبتكرة لتحفيز الإنتاجية هو أمر غير مطروح ببساطة.
وأكدت رئيسة صندوق النقد الدولي أن «التعليم والتدريب عاملان رئيسيان للنهوض بالإنتاجية وتقليل اللامساواة»، وطالبت حكومات العالم بالاستثمار في مجالات التعليم والبحوث والتنمية والقضاء على البيروقراطية لتحسين مستويات المعيشة والتخلص من التبعات السلبية للأزمة المالية العالمية.
إن المتابع والمحلل لتصريح رئيسة صندوق النقد الدولي (كريستين لاغارد) يشعر بأن هناك أزمة مالية قادمة سوف تهدد وتنذر بأن هناك تراجعا في مستويات المعيشة في العالم، وعلى الحكومات أن تتحرك عاجلا لزيادة الإنتاجية وربط الإنتاجية بزيادة الاستثمار في البحث العلمي والتعليم والتدريب، متمنيا على المخططين في بلادنا أن يأخذوا توجيهات صندوق النقد الدولي بالاعتبار، وأن لا يكون الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي ثانويا في الخطط وإنما إعطاؤه الأولوية.
ومع كل تقديري واعتزازي للدور الذي تقوم به المملكة في دعم البحوث العلمية لتقدم ثلث البحوث في الوطن العربي ويصل حجم إنفاقها على البحث العلمي إلى 2% من ناتجها المحلي، ويصل حجم الإنفاق إلى نحو 16.6 مليار ريال، ويتصدر القطاع العام دعم البحث العلمي في المملكة، إنني أجزم بأن البحث العلمي هو أساس الابتكار وهو سر تقدم اقتصاديات كل من أمريكا وأوروبا الغربية واليابان وكوريا الجنوبية، وأساس قوتها التنافسية في الاقتصاد العالمي.
ومن خلال متابعتي لسياسات التحول الاقتصادي وجدت توجه المملكة القوي نحو ريادة الأعمال ودعم وتشجيع الابتكار، وهو توجه في الطريق الصحيح، لكنه إذا لم يتقدمه دعم البحث العلمي لن تنجح الجهود لدعم رواد الأعمال، ولو جاز لي الاقتراح لاقترحت فرض ضريبة على الشركات المساهمة مثل البنوك، وشركات الصناعات الأساسية، وأرامكو، وشركات الخدمات، لدعم صندوق البحث العلمي، وإلا لن يكون لدينا ابتكار حديث وسنعتمد على التقنية المستوردة.
* كاتب اقتصادي سعودي
abdullahdahlan@yahoo.com